الحجة فاطمة

الحجة فاطمة !

في بيتها القديم ذي المئة عام تتربع الحاجة فاطمة أمام موقد النار، تعد الأيام التي تمر سريعا من العمر، تجول في خاطرها ذكريات الماضي بجماله وقسوته، وصور الحاضر بجفائه ووحدته، تضرب جذورها في بيتها العريق راسخة كصنوبر بلادنا.

شاء لنا القدر أثناء تجوالنا بين حارات القرية القديمة أن تكون لنا زيارة مبهجة لبيت الحاجة فاطمة عبد الرحيم عبد الجواد، الذي يقع وسط القرية ملاصقا لحوش دار عوض الوادي. لم يخطر على بالنا قبل أن نطرق الباب وندخل البيت أن نجد مشهدا لطالما جسدته لنا حكايات جداتنا، مشهد قاع البيت الذي كان فيما مضى يستخدم مبيتا للأغنام أو الأبقار، ثم مشهد الدرج الملتف الصاعد إلى مصطبة البيت كأنما لو كان صاعدا إلى فردوس الراحة والطمأنينة، أما مصطبة البيت ( وهو البيت الذي تسكنه العائلة وتنام فيه ) فهو مشهد يسلب الأنظار حيثما توجه عينيك تذوب في تفاصيل الطين الذي يغطى الحيطان.

لعل أكثر المشاهد روعة في البيت تلك الجرة ( جرة الماء ) التي تقف كصبية ممشوقة القوام بجانب الدرج الملتف، وتلك الموقدة التي تحتضن الحطب وتنشر الدفء والنور في رحاب البيت  ولعل المشهد الأخير كان الأروع بلا منازع ليس لدفئه ولا لنوره بل لجلسة الحاجة فاطمة أمامه وهي تحرك الحطب المشتعل تحت قدر مملوء بالماء كم تمنينا لو كان قدر طعام.

كانت زيارة جدّ رائعة، حظينا ببعض الصور فيها ونعدكم بمزيد من الزيارات ومزيد من الصور في المستقبل القريب إن شاء الله.