الجمعة, أبريل 26, 2024
آخر الأخبار
الرئيسية » شهداء وأسرى » رسالة “2” من الاسير البطل عبد العظيم عبد الحق إلى أبو ناصر

رسالة “2” من الاسير البطل عبد العظيم عبد الحق إلى أبو ناصر

 

 بسم الله الرحيم الرحيم

أخي العزيز أبو ناصر ..

لقد شدني الشوف والحنين إليك وإلى الأحبة أهل البلد فجئت أبثكم عبر هذه الشطور بعض ما يجيش في خاطري وبعض ما يختلج في هذا الصدر من مشاعر تتلاطم وتتدافع محبة لكم واعتزازا وفخرا بكم، فلو تدرون حجم الرغبة الجامحة للمشاركة معكم كلما شاهدتكم على شاشة التلفاز وأنتم تسطرون في قصرة وقفات عز لا تنسى، لقد صفقت وصفق معي الأسرى ونحن نشاهد ماجدة من ماجدات قصرة ترمي الكلاب بالحجارة، ثم شاركناكم الحزن والغضب لما سمعنا آهات حلمي ورأيناه ينقل إلى سيارة الاسعاف، ثم ضحكنا ونحن نتابع أخونا عبد العظيم وهو يقول للمراسل الاسرائيلي أن هذان الحماران الموجودان في ” بيت كودش” هما لأهل بلدنا وقد سرقهما المستوطنون، بإن تتركهما في منطقة محايدة سعودان إلى قصرة، حقا الأخ عبد العظيم نشيط وحركته دؤوبة وهو موفق في طرح قضايا بلده، وأشكره على مجهوداته الرائعة، ثم شعرت بفخر واعتزاز وأنا أشاهد الأخ العزيز صقر وهو يتحدث إلى ذات المراسل بلغتهم غاضبا غضبا منضبط ومعبرا عن كل واحد فينا، وبعبارات مختصرة هذه أرض أبائي وأجدادي فمن أين جاؤوا ؟؟ نعم صح لسانك أخي صقر، فمصيبتنا مع هذا الاحتلال أنه ليس له مكان واحد جاء منه، كما هي باقي الاحتلالات التي وقعت في التاريخ وإلا لكان عاد أدراجه إلى مكانه بعد 60 عام من مقارعته، لكنه جاء من كل أصقاع الأرض وحل محلنا في غفلة من الزمن العربي والاسلامي المنبطح عام 1948 _ وعلى أية حال فقد سررت برؤيتكم وسماع أصواتكم، ثم شاهدتك يا أبو ناصر مرتين وفي المرة الثانية كحّلت عيني برؤية الأصيلة أم ناصر، وفهمت منكم كيف تمت الاعتداءات عليكم، فأحمد الله على سلامتكم أولا، ثم أقترح عليكم حلا لهذه الاعتداءات يعالج عربدة المستوطنين اللصوص ” ما رأيكم أن أرسل إليكم مصدية فئران أو عدة مصائد للفئران تنصبونها في المحيط “، وعلي أية حال ظلوا يقظين وتجنبوا شرورهم هذا العام، ففي العام المقبل ستنقلب القصة في اعتقادي ولن يظل الحال على ما هو عليه.

لقد سرني أن شاهدت عددا لا بأس به من أهله البلد، فقد شاهدت الصابر أبو محمد، وشاهدت أبو العبد – كمال – وسمعتهما، كما شاهدت الأخ الحبيب والكبير الذي حببني في القرآن صاحب الصوت الرائع في التلاوة أستاذي طلعت الذي أبثه أعظم تحية هو يعرفها، وقد فاجئني يا رجل الأخ العزيز زياد، فلم أعرفه إلا بعدما قرأت اسمه، فلحيته ما شاء الله طويلة وكبيرة وكثيفة تغطي معالم وجهه، فسلم عليه وسلم على كل من تلقاه من أهل قصرة الكرام، فمعظم الذين شاهدتهم ولم أذكرهم في الحقيقة لم أعرفهم، هذه الحقيقة جعلتني أفطن أنه مضى عليّ 13 عاما عائبا عن أهل بلدي، فمن تركته ابن خمس سنوات الآن صار عمره 18 عام، فمن الطبيعي أن لا أعرفهم، الأمر الذي زادني شوقا وحنينا، شوقا إلى جميع الناس في قصرة الحبيبة، واشتقت إلى الصبح فيها وشروق الشمس فوق التلال والهضاب، وإلى الأصيل عن الغياب، اشتقت إلى رائحة التراب وإلى شتاء قصرة وصيفها، وإلى الربيع والأعشاب تكسو الأرض حلة خضراء، اشتقت إلى سنبلة قمح قرب تجاعيد وجه عجوز من طراز عمتي عزيزة تعشب الأرض في إحدى السهول، اشتقت إلى الشوارع والطرقات، إلى المدارس والجوام، إلى الكروم والحقول، اشتقت إلى التين والزيتون، إلى اللوز والرمان، إلى العكوب والفول، إلى الزيت والزعتر، إلى المنسف إلى المفتول، اشتقت إلى فرحة سخل أسود موشح الأطراف بقليل من البياض يتنطط تحت الشمس وقت الصبح فرحا بالحياة، وهو يدور ويتشقلب يداعب أمه التي ولدته البارحة، اشتقت إلى رنة صوت جغب الحليب عندا يقع في الإناء ونحن نحلب شاة أو بقرة، كما اشتقت إلى رنة حاسوب عندما يعطينا الاذن بالدخول إلى احدى البرانج، اشتقت إلى مدخل قصرة والمخارج واشتقت إلى الليل، وأن امشي حافيا حبا في التراب والمكان، اشتقت إلى لعبة كرة القدم مع الأصحاب والاقران، وإلى جلسات مع أبناء البلد يطفحها الخير وفيها الود والأشجان، اشتقت إلى الافراح والنجاح بعد التعب والأحزان، اشتقت إلى سجدة تحت السماء ولا يفصلني عن النجوم غير السقف المرفوع، واشتقت إلى النوم بعيدا عن قرقعة الأصفاد والأقفال والدروع، واشتقت ليوم الرجوع وأن ألقاكم سالمين غانمين، وإلى ذلك الحين أسأل الله تعالى يا أبو ناصر أن يديم عليكم أهل البلد الصحة والعافية، وأن يحفظكم من كل شر ويهيء لكم أسباب الخير كله.

لك مني كل السلامات وخالص المحبة، ومن خلالك إلى كل أبناء القرية، كما أنقل لأبناء البلد سلامات ابنهم المناضل فادي محمد وليد خليل الذي وعلى الرغم من حداثة وجوده في قصرة وبرغم قلة الأيام التي عاشها في هذا الوطن، إلا أنه مثل قريته داخل هذه السجون خير تمثيل، وكان بارا لقريته ووطنه، وان شاء له يكون يوم حريته قد اقترب، فقد تبقى له خمس سنوات وله حظ في الافراجات القادمة، وإن شاء الله تتقبلونه في قصرة قريبا. تحياني لك ولأبناء البلد، ونستودعكم الله العليّ القدير.

أخوكم أبو سيف

عبد العظيم عبد الحق – سجن نفحة

3-3-2013

Scan2jkj scan1

عن معاذ طلعت

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.