الجمعة, أبريل 19, 2024
آخر الأخبار
الرئيسية » أخبار محلية » من خلف القضبان الأسير عبد العظيم عبد الحق يتحدث عن واقع الأسرى

من خلف القضبان الأسير عبد العظيم عبد الحق يتحدث عن واقع الأسرى

مقالة للأسير عبد العظيم  عبد الحق ، بعث بها من داخل سجن شطة ، يتحدث فيها عن واقع الأسرى المرير ،  إليكم نص المقالة كما وردت في رسالته التي وصلتنا:

 

الدفاع عن الكرامة لا يحتاج إلى قرار

 

دار سجال في الأوساط الإسرائيلية  مؤخرا ، حول صورة لأسرى فلسطينيين في سجن النقب ، وهم يلتفون حول مائدة طعام ” محترمة ” ، كان أحد الإخوة الأسرى قد نشرها على صفحة ( الفيس بوك) – سامحه الله، فهذه الصورة المتكونة من الدجاج واللحمة لا تمثل في الحقيقة واقعا يعيشه الأسرى ، ولا تعتبر مكونات  الصورة   في متناول الأسرى يحصلون عليها كلما أرادوا ، بقدر ما يكون هذا الأسير بذل جهدا كبيرا واستغرق وقتا طويلا وهو يخطط للحصول على مكونات الصورة ،وبهدف أن ينشرها ويقول من خلالها لأهله وأصدقائه انه بخير ويعيش  ظروفا جيدة ، وبالتالي أراد الأسير أن يطمئن  قلب أمه عليه ولو كذبا ، بدليل أنه  لم ينشر على صفحة ( الفيس بوك)  الصور الحقيقية المؤلمة لواقع السجن ، كجرائم فرقة ” المتسادا” و “الدرور” ، وما تقومان به  من اضطهاد وتخريب ليلا ، وما تمارسه إدارات السجون على الأسرى في النهار ، فقد أخفى الأسير صورة الواقع البشعة ، وأظهر صورة جيدة من خلال مائدة الطعام ، فاستغلها الإسرائيليون أيما استغلال ، وصاروا يحرضون ضد الأسرى بدعوى أنهم يعيشون ظروفا حياتية جيدة،وقد احتدم النقاش فيما بينهم  حول هذا الموضوع ، فمنهم من ينادي بتشديد القبضة على الأسرى ويطالب بالتضييق عليهم ، ومنهم  من صار يقارن بين ظروف ( جلعاد شاليط ) التي يعتبرونها سيئة ، وبين ظروف الأسرى الفلسطينيين التي يعتبرونها رائعة استنادا إلى صورة مائدة الطعام تلك ! ومنهم من قال  نحن دولة ديمقراطية وقد منحنا الأسرى الفلسطينيين ظروف حياة جيدة ، لأننا نحترم أنفسنا ، ونلتزم بالمواثيق الدولية في هذا الشأن ! وصاروا يتباهون بأخلاقية ” إسرائيل ” في التعامل مع الأسرى ! حتى جاء رئيس حكومة الاحتلال ” نتنياهو ” الذي يعاني من اشتباك سياسي حاد مع القيادة الفلسطينية على المستوى العالمي ، وقد استفزته صورة الأسرى حول مائدة دجاج ، وشجعه النقاش المحتدم بين ” الإسرائيليين ” المطالبين بالتضييف على الأسرى ، فطاش مع الطائشين  وجاء في خطابه الأخير يتوعد الأسرى  ويهددهم بشد الخناق عليهم وسحب ما كانوا قد أعطونا إياه ! فهل حقا أعطانا ” نتنياهو ” أو أياً من قادة الكيان الإسرائيلي السابقين شيئا مما تنص عليه المواثيق الدولية ؟؟وهل نحن حقا نعيش ظروفا حياتيه أفضل من ظروف ” جلعاد شاليط ” ؟؟

 إن نظرة متعمقة في بحر السؤال الأول ، تظهر لنا بجلاء حقيقة موضوعية وهامة مفادها : أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ، وقيادات إدارة مصلحة السجون أيضا ، ومنذ أن خيم ليل الاحتلال على فلسطين وحتى اليوم ، لم يعطوا الأسرى الفلسطينيين شيئا على الإطلاق، وهم طوال الوقت يحاولون تشغيل واستعباد الأسرى في السجون ، كسياسة وثقافة يمارسونها بقناعات تشربوها من التوراة التي زيفوها ، تفيد بأنهم ” شعب الله المختار ” ، والآخرين من الناس هم عبيد لهم وخدم  وما زالت سياستهم هذه حتى اليوم ، ولم يفكروا أبدا بإعطائنا  حقوقا لا إنسانية ولا قانونية ، وحقيقة الأمر أن ما حصلنا عليه من بعض الحقوق ، هي منتزعة انتزاعا وليست عطاء، انتزعناها بعزائمنا وقوة وصلابة إرادة الأسرى ، وبفضل ما نحمل من قناعات راسخات بعدالة قضيتنا التي في سبيلها استشهدنا ، وفي سبيلها ولأجل شعبنا نعيش في السجون بعزة وكرامة أو نموت واقفين ، وليذكرنا ” نتنياهو” ومن سبقه من زعماء العنصرية وتلامذة جابوتنسكي إن كانوا أعطوا الأسرى الفلسطينيين شيئا ، فنحن لا نذكر أنهم أعطونا شيء ، ونذكر تماما أنهم ومنذ الستينات أرادوا أن يفرضوا علينا خدمتهم وتشغيلنا داخل السجون لمصالحهم الاقتصادية ، ونحن رفضنا إرادتهم وكسرناها ، وأرغمناهم على القبول بما نريد ، ونذكر أيضا كيف كتبنا في الغبار على الجدران والحيطان حتى انتزعنا منكم القلم والورقة التي كانت ممنوعة ، ونذكر أننا انتزعنا منكم ” الملح ” الذي بخلتم به علينا ، فأصلحنا به مذاق الطعام الذي كنتم تقدموه لنا بلا طعم ولون ، ثم انتزعنا منكم المذياع الذي كان محظور ، وانتزعنا منكم الكتب التي طالما حظرتموها علينا ، لأنها تفضح ثقافتكم العنصرية ، وتاريخكم  الملطخ بالدم ، وأسالوا الجنيد ونابلس  وعسقلان ونفحة إن كان قد دخلها التلفاز أعطية منكم ؟ أم أننا أخذناه منكم بدمنا وجوعنا وانتزعناه منكم انتزاع ؟ وأخيرا فيما يتعلق بالدجاج واللحمة في الصورة التي ثارت ثائرتكم عليها ، واستفزت ” نتنياهو” وجعلته يخطب خطاب التهديد والوعيد بأنه سيسحب منا الدجاجة التي أعطانا إياها ، فأضحكنا واضحك الناس عليه ،فهو يدري أنه لم يعطينا دجاجة ، ويدري انه طمع في الثمن الذي قدمناه له مقابل هذه السلعة ، فهو وجنوده  يأخذوا منا ثمن كيلو الدجاج واللحمة وأي سلعة أخرى مضاعفاً عن السعر الطبيعي في السوق ، فهل من العقل بمكان أن يتاجر ” نتنياهو ” وجنوده تجارة مربحة له معنا ، ونعطيه نحن من حر مالنا ما يسد جشعه وطمعه في سعر السلعة ، ثم يأتي ويقول أنه يعطينا ما نحن نشتريه ، أم يصدق الإسرائيليون أنفسهم ، بحيث صار منهم من يظن انه فعلا أعطانا شيء ويريد الآن أن بمنعه . ومنهم من صار يتباهى بأخلاقية مزيفة في معاملة الأسرى ويدعي انه دولة  ديمقراطية تلتزم بالمواثيق الدولية ، في حين أنهم يتاجرون معنا تجارة مربحة لهم في كل ما يتعلق بظروف حياتنا المادية في السجون من جانب، ومن جانب آخر يضربون بعرض الحائط كافة حقوقنا السياسية والتي يأتي على رأسها محاكمهم الغير قانونية ، كما يأتي على رأسها وجودنا الغير قانوني داخل حدود دولة الكيان الإسرائيلي . فأين هو التزامهم بالمواثيق الدولية ؟؟
وبنظرة موضوعية في بحر السؤال الثاني – هل نحن نعيش ظروفا حياتية أفضل من ظروف “جلعاد شاليط ” ؟؟ نجد حقيقة ثانية مفادها : أن المشرفين على أسر ” شاليط” حريصين على رعايته وسلامة صحته وتوفير شروط حياة كريمة له أكثر من حرص حكومته عليه ، وذلك لسببين أساسيين ، الأول : أن “شاليط ” بنظر آسريه هو مهم جدا ويعتبر مكسب كبير لهم ، حيث يعولون عليه في إجراء عملية تبادل لأسراهم ، وبالتالي لا شك بان ” شاليط” يعيش ظروفا حياتية أفضل من ظروفنا بكثير ، وأما السبب الثاني فهو أن القائمين على اسر “شاليط ” يحملون ثقافة وتربية وتعاليم دينية تقرض عليهم أن يمنحوه حياة كريمة ، وهذا لا ندعيه ، فهو مكتوب في كتبنا ، والتاريخ يشهد كيف عاملنا أسرانا واحترمنا إنسانيتهم ،بغض النظر عن عرقهم ودينهم ، أما ” نتنياهو” وجنوده فليس لديهم أي ثقافة ولا تربية تحثهم على احترام الإنسان ، وعلى العكس من ذلك ، فان كتبهم التي زيفوها  وثقافتهم  تدعوهم لعدم احترام الإنسان غير اليهودي ، ونصت أيضا على التخلص من الأسرى  وقتلهم ، ولم تقم تربيتهم الحديثة إلا على تعاليم جابوتنسكي ، وعصاباتهم الإجرامية التي قادها “بيغن”  وغيره مثل البالماخ  والارغون  والهاجاناة، خير دليل وشاهد على  وحشيتهم ولا إنسانيتهم .

فمن صاحب الحجة الأقوى قي المقارنة ما بين ظروف ” شاليط ” وظروفنا ؟؟ هل بقي عندهم ما يقولون ؟ ربما بقي زعمهم بأنهم يسمحون لنا بزيارة الأهل ونحن لا نسمح لأهل” شاليط” بزيارته! هذا أيضا زعما كاذبا ، فقد مضى علينا خمس سنوات في بدايات الانتفاضة الثانية خصوصا بعد عام 2001 ، ولم نزر أهلنا بحجة الأمن ، ثم بعد ذلك كانوا يغلقون المناطق بين الفترة والأخرى ولا يسمحون لنا بالزيارة ، لا الأهل ولا الصليب الأحمر ، أيضا بحجة الأمن ، وكذلك يفعل المسئولون  عن أسر ” شاليط ” لا يسمحون بزيارته لذات الحجة – الأمن – ، أليست طائرات الإسرائيليين التي تحاصر سماء غزة تمثل خطرا امنيا اكبر بكثير من الخطر الذي كانت تمثله عملية فدائية ، وكذلك دباباتهم  وبوارجهم الحربية تمثل ذات الخطر الأمني ، بالتالي كيف سيسمحون بزيارة ” شاليط ” ؟؟ أم أن الذي يحلله الإسرائيليون لأنفسهم يحرمونه على غيرهم ؟؟ ولا غرابة ، فثقافتهم تقوم على انه يحق لهم ما لا يحق لغيرهم ، وذلك  حسب قولهم باتفاق مع الله تعالى ” أنهم شعب الله المختار ” !!

خلاصة القول: إننا استمعنا في السجون إلى تهديد ” نتنياهو ” ووعيده بالويلات للأسرى ، فشعرنا بالشفقة عليه ، وعرفنا حجم الضعف والتناقض النفسي الذي يعتريه ، فهو من جانب يفهم بأنه يمتلك أكبر ترسانة أسلحة في الشرق الأوسط ، ويمتلك أكبر أسلحة دمار شامل في المنطقة ، ومن جانب آخر هو يشعر بالضعف رغم ما يمتلك من قوة مما يؤدي إلى تناقض نفسي ، وتلك هي مصيبة الفلسطينيين الكبرى ، فنحن لسنا نعاني من مجرد قادة احتلال واستعمار نازيين وفاشيين ، بل نعاني من أنهم مريضين نفسيا أيضا ، ومرضهم النفسي هذا له علاقة بالتربية التي نشأوا  عليها  تاريخيا وثقافة الانكماش والعزلة والتحصين والشعور الدائم بالخوف ، وعدم الثقة بالنفس ، خصوصا ما يعانيه اليوم “نتنياهو ” من عدم قدرة إعلامية على تزييف الحقائق وتمثيل دور الضحية  أمام العالم وإخفاء صورة المجرم والجلاد ، وذلك بفعل قدرة القيادة الفلسطينية على سحب البساط من تحت أرجله وضبط الأمن من جهة ، وإدارة الاشتباك السياسي مع ” نتنياهو ” وفضح حكومته عالميا من جهة أخرى ، وتحجيم المؤسسة الإعلامية الكبرى في إسرائيل والتي تعودت على تزييف الحقائق من جهة ثالثة ، كل ذلك زاد من مرض ” نتنياهو” النفسي حتى صار يهذي  ، وجاء بخطابه يهدد ويتوعد الأسرى العزل ، وكأننا نحن مشكلة نتنياهو المتسببة في ارقه ومرضه ومغالطاته !!  وعلى أية حال ، وبصرف النظر عن أزمة الحكومة الإسرائيلية الحقيقية ، فنحن رأينا كيف طاش نتنياهو على موج النقاش الذي احتدم بسبب صورة الأسرى الملتفين حول مائدة  طعام  مكونة من الدجاج واللحمة ، وسمعنا نتنياهو وهو يهددنا ويتوعدنا ، ويفرد عضلاته من وراء المايكروفون ، وقد “تمنفخ” حتى أضحكنا واضحك الناس عليه ، ونحن هنا لا نرد عليه ، ولا نعيره بالا ، وننصح المواطن الإسرائيلي  بان يفهم أن ” نتنياهو” يسعى وراء مجد زائف ، وليس وراء مصالح شعبه ، ، وأن الفرصة السانحة كي تحافظ إسرائيل على بقائها كدولة هي فقط في القبول بالمبادرة العربية ، واحترام نظرة القائد العام للفلسطينيين  في موضوع السلام وإنهاء الصراع.

فلا تطيشوا مثلما طاش” نتنياهو” ، ولا تصفقوا له كلما هدد وتوعد الأسرى ، فنحن أينما كنا سنعيش شامخين أو نموت واقفين ، ودائما شعارنا الذي نرفعه في وجه ” نتنياهو ”  وغيره  هو ” أن الدفاع عن الكرامة لا يحتاج إلى قرار ” ، ونعتبر أنفسنا في خنادق متقدمة مستعدون لمواجه صلف “نتنياهو” وغبره .

 

الأسير عبد العظيم عبد الحق

سجن شطة           

عن أحمد جودي

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.